image

الدولة المدنية

الدولة المدنية يتردد كثيرا في هذه الايام مصطلح الدولة المدنية ... لنناقش ما هي ملامح تلك الدولة ؟ الدولة المدنية هي التي لا تُمارس عبر أفرادها ومؤسساتها أي تمييز بين المواطنين بسبب الاختلاف في الدين أو الجنس أو الخلفية الاجتماعية اوالجغرافية بل تعتمد مبدا المواطنة مؤسسات هذه الدولة وسلطاتها التشريعية والتنفيذية وقواها القضائية يديرها مواطنون منتخبون يخضعون للمساءلة والمحاسبة ، ولا تدار الدولة بواسطة العسكر أو رجال الدين. ولا يعني ذلك استبعاد المتدينين او استبعاد الدين بما يملك من قيم اخلاقية وابعاد روحية ايجابية والتي يجب على الدولة المدنية حمايتها وتهيئة ما يلزم لتحقيق الحرية الدينية لجميع الافراد واحترام شعائرهم ولكن المقصود أن لا تجتمع السلطتين السياسية والدينية في قبضة رجل واحد او عصابة من الناس حتى لا يتحول إلى شخص او جماعة فوق القانون وفوق المحاسبة. ومدنية الدولة تعني: منع تحويل السياسة إلى صراعات اديولوجية فكرية او دينية مذهبية اومناطقية عشائرية او قومية وامثالها لان كل تلك الاصناف المتنوعة يجمعها الانتماء الى وطن واحد يتساوى فيه الافراد امام القانون في الحقوق والواجبات ويبقى الوطن ومصالحه فوق الاختلافات لانه هو البساط الجامع لكل ابنائه فالصراعا ت والاختلافات بداخله هي له وبمصلحته بخلاف الصراعات عليه التي تؤدي الى تمزيقه وتخريبه وبذلك يخسر الجميع بالتاكيد سوف تكون في تلك الحالة الرؤى وألافكار والبرامج والقوى السياسية والمؤسسات وألاشخاص كلها تهدف إلى اختيار الأفضل للدولة والمجتمع وبخلاف ذلك فالصراع يكون مخالفا للقانون الحرية والشفافية وإمكانية الطرح العلني لجميع الاراء والأفكار والبرامج الهادفة لتحقيق الصالح العام في ظل قبول التعددية واحترام الرأي الآخر هي سمات الدولة المدنية التي تستند في مشروعيتها وتشريعاتها الى مجتمع المواطنين والذي عادة ما يُغلّب بعض الاراء والأفكار والبرامج على بعضها الآخر تلك هي كمفاهيم تعتمد في ظهورها على قناعة الناس بها والتزام من ينتخبهم الشعب بالقانون واخلاقيات الحكم الرشيد المعيار في نجاح اي حكومة هو تحقيق مصالح من انتخبهم وبغير ذلك فانها تقع في دائرة الظلم قال تعالى وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا وقد ورد في الاثر ان الملك يدوم مع الكفر ولا يدوم مع الظلم قال تعالى ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ . اسئله تعالى ان يوفقنا لنكون من الذين استجابوا لامرك وحفظوا حقوق خلقك ولا تجعلنا من الظالمين . صالح الحكيم